اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح مقدمة التفسير لابن تيمية
87495 مشاهدة
ما جاء عن الصحابي في بيان سبب النزول

يقول: تنازع العلماء في قول الصحابي: نزلت هذه الآية في كذا، هل يجري مجرى المسند؟ يعني مرفوع، كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله يعني هل يكون مرفوعا أو يكون تفسيرا من الصحابة ليس بحديث مسند مرفوع؟ يعني مجرى التفسير الذي ليس بمسند.
البخاري رحمه الله أكثر في تفسيره بالصحيح من هذه الأسباب واعتبرها مرفوعة، مع أنه كان رحمه الله يهتم بالأحاديث المرفوعة، إنما وضع كتابه للمرفوعات التي يرويها بأسانيده، فرأى أن أسباب النزول وإن لم يذكر أنها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنها مرفوعة يدخلها بالمسند، وآخرون لا يدخلونها في المسند كمسلم، ولهذا ما روى في صحيحه شيئا إلا قليلا من هذا الجنس، يقول: أكثر المسانيد على هذا الاصطلاح يعني: أنهم يجعلونها موقوفة كمسند أحمد وغيره.
أما إذا ذكر سببا نزلت الآية عقبه، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند، مثال سؤال عويمر العجلاني عن اللعان فإن هذا يعتبر مسندا، وكذلك قصة عمر لما أنه تضرر بترك الوطء في ليالي الصيام، وغيره يعتبر هذا أيضا مسندا؛ لأنهم اشتكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية، يقول: إذا عرف هذا فقول أحدهم: نزلت في كذا، ثم يقول الآخر: نزلت في كذا يعني يذكرون لها سببين، فالجواب أنه إذا كان اللفظ يتناولهما فلا منافاة، لا منافاة بينهما؛ لأن الآية تعم هذا وهذا، يكثر ما إذا قالوا: نزلت في فلان، أو نزلت في فعل كذا وكذا ولا يذكرون أن هذا خاص، فلا يحصل هناك منافاة بينهما، فمعرفة مثال قول الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ هو الحج.
ذكر أن بعضهم سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال الهلال يبدو ضعيفا ثم يتكامل؟ نزلت الآية أنه مواقيت للناس، يعني: جعل صغيرا حتى يعرف مبدأ الشهر، ثم قال بعضهم: إنها نزلت في سؤالهم: ما الحكمة في الأهلة؟ فقيل: مواقيت للناس فلا ينافي أحد السببين الآخر، ويذكرون هذا كثيرا في بعض الأسباب، مثل قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ ذكر أنها نزلت في أناس كانوا يتمنون القتال فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ أرادوا القتال فقيل لهم كفوا أيديكم، ولها أسباب أخرى.
فإذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله وذكر آخر سببا فقد يمكن صدقهما؛ بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب. ذكر ذلك بعضهم في آية اللعان؛ لأن أحد الرواة قال: نزلت في عويمر والثاني قال: نزلت في هلال ولعل الصحيح أنها نزلت عقب قصتهما أو عقب سؤالهما؛ لأن سؤالهما كان متقاربا، نزلت عقب تلك الأسباب وقيل: نزلت مرتين: مرة بسبب هلال ومرة بسبب عويمر، والأقرب أنها نزلت مرة واحدة؛ ليدخل فيها هذا السبب وغيره.